abufahd عضو
عدد الرسائل : 21 العمر : 33 تاريخ التسجيل : 13/11/2008
| موضوع: السعوديه وسعت الصفا والمروه فاتسع الخلاف بين علماء الدين** الأربعاء نوفمبر 26, 2008 8:24 am | |
| مع تكرار الخلافات سنوياً... العلماء يطالبون: إنشاء مجلس فقهي لحسم الجدل حول بعض مناسك الحج تناقض الاجتهادات حول توسعة الصفا والمروة يؤدي للبلبلة بين ضيوف الرحمن دراسة للداعية السعودي عبدالله الجبرين ترصد كل مواطن الخلاف وتدعو للوحدة حولها مع بداية موسم الحج كل عام تثار عدة اشكاليات وتحدث خلافات وتثار آراء متباينة تجعل الناس في حيرة من أمرها تصل الي حد شكهم في صحة أدائهم للمناسك في حين ان هذه الآراء منها ماهو ليس بجديد وانما يتم ابتعاثه من جديد لصالح المسلمين وان هدفها التيسير علي الناس بعد أن كثر عدد الحجيج وصارت المشاعر المقدسة لاتستوعب هذه الأعداد المتزايدة وكان لابد من البحث عن حلول ومخارج فقهية لهذه المشكلة التي تزيد كل عام ولكن خرجت علينا الآراء المناقضة لها والتي ترفض حدوث أي تغيير حتي ولو كان صحيحا ولايؤثر في صحة أداء المناسك. فمن قبل أثيرت مشكلة رمي الجمار ووقت الزوال وتصدي العلماء لها بهدف التيسير ومنع حدوث الزحام الذي تسبب في عدة كوارث راح ضحيتها حجاج أبرياء ومع ذلك جاء من أفتي بالتمسك بوقت الرمي الحالي وأثيرت المشكلة وتحير الناس ومن قبل أثيرت مشكلة الميقات الزماني للحج حيث خرج علينا من أفتي بجواز الحج في وقت غير هذا الوقت ولماذا التمسك بهذا الوقت بالذات أما هذا العام فالمشكلة الجديدة هي مسألة السعي بين الصفا والمروة والتوسعة الجديدة التي تتم حاليا وقد لاقي هذا الأمر جدلاً حاداً وصل الي حد خروج أحد علماء الأزهر يطالب بعدم الحج هذا العام .. فإلي متي يستمر هذا الخلاف وهذا الجدل ولماذا لاتتم الدعوة إلي مؤتمر عام للحج تطرح فيه كل القضايا الخلافية علي مائدة النقاش بحضور عدد من العلماء الثقات وهذا ما نناقشه في هذا التحقيق. بداية نقرأ ماجاء في بحث الدكتور طه حبيش ونري ماهي أوجه اعتراضاته فقد حذر الدكتور طه الدسوقي حبيش- أستاذ ورئيس قسم العقيدة والفلسفة بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر- من التوسعة التي تقوم بها المملكة العربية السعودية بين جبلي الصفا والمروة ووصف حبيش التوسعة بأنها بدعة ما كان للمسلمين في الماضي أن تتحمل مشاعرهم مثلها. مشيراً إلي أن هذه البدعة تحمل المعتمرين والحجاج لبيت الله عز وجل علي أن يقوموا بشعيرة السعي خارج المكان الذي حدده الشرع لهم. وكشف حبيش في دراسة علمية وشرعية حملت عنوان "الصفا والمروة التوسعة والحكم" عن أن إيقاع السعي في المكان الذي أراده الله فريضة علي رأي جمهور العلماء لايجوز تجاوزها. وأورد الكاتب عدداً من الآراء التي أحلت هذه التوسعة منها أن التوسعة تأتي من باب المصالح المرسلة فيما اعتبره الكاتب خطأ لأن المصالح المرسلة لاتستعمل إلا في مجال الاجتهاد وتحديد المسعي أمر توقيفي لا اجتهاد فيه. وفريق آخر ممن أجاز التوسعة استخدم مبدأ القياس حيث قاسوا توسعة الصفا والمروة علي توسعة المسجد النبوي بالمدينة المنورة والمسجد الحرام بمكة واعتبر الكاتب هذا الفريق لا يعرف القيوس والقيود التي تؤدي إلي استخدامه واصطناعه مشيراً إلي أن المسجد الحرام والمسجد النبوي ليسا من المشاعر وإنما من المساجد التي تعد لإقامة الصلاة فيها وتوسعتهما محكومة بقول رسول الله صلي الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجداً وطهورا فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل" أما المسعي فهو مشعر ومحكوم بقول الله تعالي "إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما" كما أشار الدكتور طه إلي فريق آخر أجاز التوسعة علي اعتبار أن الصفا والمروة جبلان ولهما جذور متشعبة في الأرض كجذور النبات يبحث عن غذائه في التربة فمن لم يدرك ظاهرة الجبلين أدرك جذورهما ووصف حبيش هذا الرأي بالخطأ الذريع موضحا أن الصفا والمروة جبلان كما قالوا. فالصفا مرتفع في حضن جبل وقد انفصل عنه الآن بشارع وساحة تسمي ساحة الملك إشارة للملك الراحل فهد الذي كان له قصر مطل علي المسجد الحرام أما المروة فهو مرتفع يشبه الأنف من جبل "قعقعان" قد اختفي منه بعضه وفي آخر هذا المرتفع صخرة بيضاء ليس من المشعر وأن هذين المرتفعين ظن هذا الفريق أنهما من جنس النبات لهما جذور من نوع جذوره. لكن الأمر ليس كذلك فقد ميز الله عز وجل لون صخرة الصفا وصخرة أبي قبيس وكذلك بين المروة وقعيقعان. ويري أن حجري الصفا والمروة من الصخور المتداخلة مع صخور مكة وجبالها إذ يمكن لهما أن يكون كل منهما مقذوفاً من الحمم في مرحلة متأخرة أقبل هذا المقذوف من باطن الأرض. وأضاف الكاتب فرضاً أن لهذه المرتفعات جذوراً في الأرض فعلاً إلا أن الله عز وجل لم يعود عباده أن يكون المشعر في باطن الأرض وأن يرتبط التكليف بها هكذا. وأكد حبيش في بحثه "أن التوسعة في المسعي بين الصفا والمروة خروج عن مقصود الشرع وهو مبطل للسعي. واستنكر أن يطالب علماء بصحة هذا الحكم في الوقت الذي لم يملكوا هم أدوات إثبات صحة فتواهم بالدليل" ووجه الدكتور حبيش هذا البحث إلي صناع القرار في المملكة العربية السعودية وعلي رأسهم خادم الحرمين الشريفين إبراء للذمة كما وجه نداء للأمة الإسلامية ولكل من سبق له الحج والعمرة ألا يخرج مرة أخري في هذا العام علي الاقل لأن الحج والعمرة بغير سعي باطلان. وقال لماذا لانقاطع الحج والعمرة حتي يعلم الناس أن ماقام به المسئولون عن إدارة الحرمين من تغير المسعي خطأ جسيم يحتاج إلي تصحيح!! ورداً علي الدراسة قال الدكتور سعود بن عبدالله الفنيسان- عميد كلية الشريعة سابقا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض: كثر الكلام عن حكم السعي في الزيادة في المسعي بعد توسعته الحالية بين العامة وبعض طلاب العلم ونقول: معلوم أن الحرم كان في عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم لايتجاوز بعض صحن المطاف اليوم وما زال الخلفاء والحكام علي مدار التاريخ يوسعون فيه لحاجة الناس وتزايد أعدادهم. وكل زيادة في مساحة المسجد تعتبر شرعاً داخله فيه. إذ القاعدة عند الفقهاء "أن الزيادة لها حكم المزيد". "وما بين الشرق والغرب قبلة" فلو أدخلت بعض أحياء مكة في الحرم لكانت مسجدا. وطول المسعي هو مابين جبل الصفا- وهو جبل أبي قبيس- والمروة وهو جبل قعيقعان. والجبلان معروفان يشاهد كل الناس أجزاء منهما بادية للعيان حتي بعد التوسعات المتكررة فمسافة المسعي في الطول معلومة عند الفقهاء والمؤرخين. فالفقهاء نصوا علي وجوب استيعاب الساعي مسافة ما بين الجبلين فقط ولا يلزم صعودهما. أما المؤرخون فيحددون ما بينهما بالأذرع والأصابع أحيانا. يقول المؤرخ الثقة أبو الوليد الأزرقي المتوفي "340ه" في كتابه أخبار مكة "2/95" "... وذرع ما بين الصفا والمروة سبعمائة ذراع وستة وستون ذراعا ونصف ذراع "5.766" وذرع ما بين العلم الذي علي باب المسجد إلي العلم الذي بحذائه علي باب دار العباس بن عبدالمطلب وبينهما عرض المسعي: خمسة وثلاثون ذراعا ونصف "5.35" ومن العلم الذي علي دار العباس إلي العلم الذي عند دار ابن عباد الذي بحذاء العلم في حدة العمارة بينهما مائة ذراع وواحد وعشرون ذراعاً "121" قلت: وهذا طول المسيل أو الوادي الذي يرمل فيه بين العلمين. وذكر البكري المتوفي "487"ه في كتابه "المسالك والممالك" 1/309": أن طول المسافة ما بين العلمين في المسعي هي "112" ذراعا أي بما يقل عما حدده الأزرقي ب"9" أذرع. واختلف المؤرخون في تقدير مازاد علي الذراع في ما بين الصفا والمروة أو ما بين العلمين فمحمد بن إسحاق الفاكهي يقدر نصف الذراع ب"20" إصبعا. وقدر البكري نصف الذراع في عرض المسعي ب"12" إصبعا في حين أن الأزرقي اكتفي بذكر نصف الذراع مجملاً دون تحديده بالأصابع. ووجدت في مصنف ابن أبي شيبة ص"260" قولا للإمام مجاهد بن جبر تلميذ ابن عباس رضي الله عنه يقول في مابين العلمين في المسعي: "هذا بطن المسيل الذي رمل فيه رسول الله صلي الله عليه وسلم ولكن الناس انتقصوا منه" وذكر الإمام ابن كثير المتوفي "774"ه في كتابه البداية"وقال بعض العلماء: مابين هذه الأميال أوسع من بطن المسيل الذي رمل فيه رسول الله صلي الله عليه وسلم" فإذا كان مجاهد بن جبر يري أن الناس في زمنه انتقصوا من مساحة بطن الوادي- الذي يرمل فيه- وابن كثير من سبعمائة سنة يري أن الناس وسعوا من مساحة بطن الوادي. وإذا كان عرض المسعي كما قال الأزرقي "5.35" خمسة وثلاثون ذراعا ونصف الذراع وإذا كان "المتر" في قياسنا اليوم يساوي ذراعين تقريبا فعرض المسعي الحالي يقترب من "ثمانية عشر مترا" أو تزيد. وزيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله وفقه الله تقرب من عشرين متراً مع عرض الجدار. لما عرض أمر التوسعة علي هيئة كبار العلماء اختلف اجتهادهم في كيفية هذه الزيادة لا في أصلها فمنهم من منع الزيادة في عرض المسعي ورأي أن تكون الزيادة رأسيا بزيادة الأدوار. ومنهم من أجاز الزيادة الأفقية في عرض المسعي وهو الذي عليه جرت توسعة خادم الحرمين الشريفين الحالية. ويظهر لي والله أعلم أن الصواب مع من أجاز توسعة المسعي في عرضه لا في بناء أدوار عليا لمبررات منها: أن تحديد عرض المسعي ليس فيه دليل نصي يوقف عنده بل كان ما نص عليه العلماء هو وجوب الاستيعاب في السعي طولا ما بين جبلي الصفا والمروة. أما عرضه فلم يشر إليه أحد من علماء المذاهب فيما اطلعت عليه. أما المؤرخون فمختلفون في تحديده. فما حكاه ابن كثير رحمه الله يخالف قول مجاهد ابن جبر رضي الله عنه. في حين أن ابن كثير يري أن الناس وسعوه ومجاهد يري أنهم ضيقوه. ولو كان هناك نص في تحديد عرض المسعي يوقف عنده ما وقع الخلاف. - أن جبلي الصفا والمروة في أصلهما أطول وأعرض مما نشاهده في المسعي قبل توسعة الملك عبدالله الحالية.- ما علمت من أن جماعة من كبار السن والخبرة من سكان مكة أثبتوا شهادتهم في المحكمة الشرعية بمكة المكرمة بأن جبلي الصفا والمروة أعرض وأكبر. وأنهما ممتدان من الجهة الشرقية. ومن هؤلاء الشهود من كان بيته علي الصفا وبعضهم علي المروة.- وأخيرا أن توسعة الملك عبدالله الحالية في§ الدور الأرضي هي أولي من بناء أدوار عليا: فالسعي في الدور الأرضي أسهل علي الحجاج والمعتمرين. إذ الصعود للأدوار حيث لايستطيع كبار السن والعجزة والنساء الصعود حتي مع وضع السلالم الكهربائية وهي معرضة للأعطال والزحام فالتوسعة الحالية هي عين الصواب. الدين يسر ويقول الدكتور أحمد يوسف سليمان رئيس قسم الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة. علي أنه مع هذه التوسعة ويدعمها بكل قوته لرفع الحرج والمشقة عن المسلمين. وقال: "إن الأدلة أثبتت ضرورة الموافقة علي توسعة المسعي بن الجبلين. مع الأخذ في الاعتبار ضرورة ألا تخرج هذه التوسعة عن حدود الجبلين كما حددها علماء الجيولوجيا والشهود". واستعرض سليمان بداية تاريخ المسعي من لدن السيدة هاجر حتي عصر النبي صلي الله عليه وسلم. وما تم في هذا المسعي من تغيير.حيث إنه "لم يبق علي حالة خاصة في عصر الصحابة الكرام وهم أشد الناس تمسكا بسنة النبي صلي الله عليه وسلم. "وأشار إلي أن "المسعي في الماضي كان يتحمل جموع الحجيج حيث إن أعدادهم لم تكن تتجاوز الآلاف. ولكن مع تقدم العصر ازداد عدد الحجيج وفاق الآلاف ليصل إلي الملايين. مما أدي إلي زيادة الازدحام في هذا المكان. مما أوجب أن ينظر لهذا الأمر بنظرة المصلحة العامة وتقديمها علي المصلحة الخاصة. فجاءت مبادرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز خادم الحرمين الشريفين بضرورة توسعة المسعي بين الصفا والمروة. ودعا الشيخ جمال قطب رئيس لجنة الفتوي بالأزهر سابقاً إلي ضرورة إنشاء مجلس فقهي خاص بمناسك الحج فقط لحسم مثل هذه القضايا. لافتاً إلي أن أمر التوسعة ليس مستحبا فقط بل واجبا. لدلالته الكبيرة علي روح الشريعة الإسلامية. وقواعدها التي تنص علي رفع الحرج عن المسلمين في الكثير من أمور دينهم ومنها "المشقة تجلب التيسير" وغيرها من القواعد التي تجعلنا نوجب هذا التوسعة. وأكد علي ضرورة المداومة في أمور التوسعة. حيث إن استطاعة الحج مشروطة تجب علي المسنين والنساء والرجال. كما يحضر إليها الناس من الآفاق المختلفة الذين لم يتوافقوا علي عادات وسلوكيات الحج. مما يدفع إلي ضرورة التوسعة والمداومة عليها. وشدد قطب علي ضرورة التأني في إصدار الفتاوي من قبل العلماء. وخاصة في الأمور التي تهم جموع الأمة للحفاظ علي وحدتها. رفع الحرج ومن جهته أشار الدكتور محمد نبيل غنايم أستاذ الشريعة الإسلامية بدار العلوم بجامعة القاهرة إلي أن التوسعة قامت علي الدليل الشرعي الذي يساندها من كل اتجاه. حيث إنها تعد من المسعي وامتداداً له. واضاف أن هذه الخلافات التي تحدث بين العلماء هي من باب التيسير علي الناس ولاينبغي ان تفهم علي أنها تفريط في الدين فالدين يسر وهذه عظمة الشريعة الإسلامية. وفي نفس السياق أكد الدكتور محمد عبداللطيف البنا "دكتوراه في الفقة المقارن" ومسئول النطاق الشرعي بموقع إسلام أون لاين علي موافقته علي التوسعة. لكن في نطاق رأي الجغرافيين والشهود الذين يعرفون امتداد المسعي تماما. مشددا علي أن الشهادة أساس للقبول بل حسم لشرعية التوسعة. يقول الدكتور مصطفي الدميري وكيل كلية أصول الدين بالزقازيق لامانع من عقد مؤتمر كبير حول الحج والقضايا الخلافية التي اثيرت حوله في الآونة الأخيرة لانه مامن شك من أن هناك حالة من البلبلة عند الناس سببها الفتاوي المتناقضة التي تصدر من هنا وهناك ومن الأفضل حسم كل هذه الأمور الخلافية. تأصيل فقهي يقول الداعية الإسلامي الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين في بحث له حول القضايا الخلافية في الحج أكثر العلماء قديماً وحديثاً من الكتابة حول مناسك الحج. وبينوا ماذا يفعل الحاج في هذه المشاعر. ولاشك أن فيها شيئاً من الاختلاف بين العلماء. ولكن لكل اجتهاده. وأصح الأقوال ما وافق الدليل. والأدلة واضحة. والسنة محفوظة قولاً وفعلاً. والاختلافات التي وقعت بين الصحابة ومن بعدهم فيها مجال للاجتهاد. وأوضح الجبرين أن الإحرام ركن بلا خلاف: وذلك لأنه نية النسك. وليس الإحرام هو اللباس. بل الإحرام هو النية: يعني: أن ينوي بقلبه الدخول في النسك. ثم بعد دخوله فيه يشعر بأنها حرمت عليه المحظورات. وأنه تلبس بهذه العبادة. فهو مثل الإحرام بالصلاة. ومعلوم أنه إذا أحرم بالصلاة حرم عليه الالتفات.وحرمت عليه الحركة والمشي. وحرم عليه الأكل والشرب. وحرم عليه الضحك. وحرم عليه الانصراف عن القبلة وأشباه ذلك. فكذلك نقول: إذا دخل في النسك- أي: في الحج والعمرة- فإنها تحرم عليه المحظورات. فيحرم عليه تغطية الرأس. ولبس المخيط. والتطيب. وقص الشعر. وتقليم الأظافر.. إلخ. فالإحرام هو النسك. وهو أن يعزم بقلبه أنه دخل في الإحرام. وقد تقدم جواز الإحرام قبل أن يأتي الميقات. وذكرنا أنه إذا أحرم بالحج قبل أن تدخل أشهره- كما لو أحرم في آخر رمضان بالحج. وبقي محرماً إلي يوم النحر- فإن ذلك جائز مع الكراهية. والصحيح أنه ينعقد الإحرام قبل الميقات. أما السعي بين الصفا والمروة ففيه خلاف: هل هو ركن أو واجب. أوسنة؟ اختار الامام أحمد في المشهور عنه أنه ركن. واستدل بقول النبي صلي الله عليه وسلم: "اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي" أي فرضه. وكذلك فعل النبي صلي الله عليه وسلم. وقال الذين قالوا: إنه واجب: إن الله تعالي نفي الجناح عمن لم يفعله. ونفي الجناح لايدل علي الركنية. وذلك في قوله تعالي "إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما" "البقرة: 158" وقد استشكل هذه الآية عروة رحمه الله. فقال لعائشة: ما أري السعي واجبا: لأن الله قال "فلا جناح عليه" أي: فلا حرج عليه إذا تطوف بينهما. فكأن التقدير: لاحرج عليك إذا تطوفت. فلم يكن فيها أمر بالتطوف. وأجابت عائشة بقولها: لو كان ذلك كذلك لقال: فلاجناح عليه ألا يطوف بهما. وأيضا استدل علي الركنية بأن الله تعالي جعل الصفا والمروة من شعائر الله. والشعائر هي المعالم التي لها أعمال. أي: التي لها أعمال تختص بها. فكل مشعر من المشاعر له عبادة تخصه. فإن المشاعر والشعائر تنقسم إلي أقسام فنقول- مثلاً- "عرفة مشعر من مشاعر الحج. ولكنه ليس بحرم. ومني ومزدلفة مشعران وحرمان. ووادي محسر حرم وليس بمشعر. وادي عرنة ليس حرماً ولا مشعراً. ومشعر مني له عبادة. فكذلك مشعر الصفا والمروة له عبادة. وعبادتها السعي بينهما. والحكمة في السعي إحياء ما فعلته أم إسماعيل. فإنها لما نفد منها الماء رقت علي الصفا ونظرت. ثم سعت ووصلت إلي المروة. ثم نظرت.. وهكذا حتي تمت سبعة أشواط. يقول النبي صلي الله عليه وسلم: "فلأجل ذلك شرع السعي بينهما سبعة أشواط". وأما نفي الحرج في الأية فسببه: أن المشركين كانوا قد جعلوا صنمين علي الصفا والمروة. صنعاً علي الصفا يقال له: إساف. وعلي المروة صنم يقال له: نائلة. فكانوا يطوفون ويتمسحون بهذين الصنمين. فلما أسلم المسلمون ظنوا أن الطواف بهما كان لأجل هذين الصنمين. فبين الله أنهما مشعران. والمشعر لابد له من عبادة. فعبادتهما هو هذا السعي. وهو عبادة لما فيه من الامتثال. ولما فيه من هذا التعب ونحوه. هذه أدلة من يري أن السعي ركن. ومن يقول: السعي واجب يستدل بأن الله تعالي رفع الحرج بقوله: "فلا جناح عليه أن يطوف بهما" ويقول: هذا لايدل علي الركنية. وإنما يدل علي الوجوب. وهذا رواية عن الإمام أحمد. وهو أنه واجب من الواجبات التي تجبر بدم. ونحن نفتي من أحرم فنقول: يجب عليك ويلزم أن تسعي. ثم إذا قدر أنه ترك السعي عجزاً أو ترك بعضه. ثم تحلل وخرج. وصعب عليه الرجوع. وفعل المحظورات تساهلنا معه. وأفتيناه بأن السعي واجب. يجبر بدم. لمشقة الرجوع . كثيراً ما ترد أسئلة. فيها أن أناساً سعي بعضهم أربعة أشواط ثم عجز وتحلل. أو سعي ثلاثة أشواط أو خمسة أشواط ثم عجز وتحلل ورجع إلي أهله. فمثل هذا نقول: إنه قد ألغي إحرامه. وقد فعل المحظورات. ولبس المخيط وتطيب. ووطئ أهله. وفعل كل المحظورات. فكيف نلزمه مع ذلك ونقول: ارجع لأجل أن تكمل شيئاً من المشقة. وعليك فدية عن اللبس وتغطية الرأس وعن الطيب التقليم وما أشبه ذلك؟! في ذلك شيء من المشقة. وكثيراً ما يحصل أنه يتزوج بعدما يرجع. أو تتزوج المرأة بعد أن ترجع. وربما لديها ولد لهما أولاد. فلو قلنا: هذا عقد باطل. والأولاد ليسوا علي ولادة صحيحة. ففي ذلك شيء من المشقة. فلذلك نتساهل ونقول لمن تساهل وترك السعي: اجعله كأنه من الواجبات التي تجبر بدم. وأما قبل أن يقع فإننا نلزمه بإتمامه | |
|