[
هؤلاء أنصفوا الإسلام
المستشرق الألماني كولد تسيهر:
النبي محمد.. أول مصلح حقيقي في الشعب العربي
معني "علي خلق عظيم": كريم الطباع.. شديد الحياء قوة الإدراك.. الذكاء المفرط.. العواطف الرقيقة
[right]لله جنود في الغرب يدافعون عن دينه.. ويرفعون رايته.. فيعلنون جمال هذا الدين وكماله..
وتساميه علي أحقاد أعدائه.. في شهادة حق لا تبتغي إلا الإنصاف..
ولهذا.. هؤلاء أنصفوا الإسلام.
المستشرق الألماني كولد تسيهر Y.Gldziher تخرج بجامعة اللغات السامية علي كبار اساتذتها في بودابست وليبزج وبرلين وليدن وعين استاذا محاضرا في كلية العلوم بجامعة بودابست ثم استاذ كرسي ثم رحل إلي عدد من البلدان العربية وتعلم العربية علي شيوخ الازهر واهتم بدراساتها ثم انتخب عضوا في عدد من المجامع العلمية وحضر عددا من المؤتمرات الاستشراقية
ومن أهم مؤلفاته مجموعة كبيرة وهائلة من المقالات والأبحاث في المجالات الآسيوية والعربية بأكثر من لغة. ويأتي في مقدمتها كتاب "العقيدة والشريعة في الاسلام" و"درس في الاسلام" في جزءين كبيرين كما حقق العديد من النصوص القديمة.
يقول في كتابه "العقيدة والشريعة في الاسلام": ان محمدا قد بشر بمذهبه للمرة الأولي بحماس لم يفتر ولم تعوزه المثابرة وبعقيدة ثابتة بأن هذا المذهب يحقق صالح الجماعة الخاصة وقد كان في ذلك كله مظهرا لانكار الذات برغم سخرية الجمهور.
ويضيف: الحق ان محمدا صلي الله عليه وسلم كان بلاشك أول مصلح حقيقي في الشعب العربي من الوجهة التاريخية وفي عصره الاصلاحي نراه صلي الله عليه وسلم يستخدم حنكته المفكرة ورؤيته الدقيقة وتبصره العالمي في مقاومة خصومه الذين شرعوا في معارضة مقاصده وغاياته في داخل موطنه وخارجه.
شيم مرضية
ويؤكد ان النبي محمدا صلي الله عليه وسلم كان علي أعظم ما يكون من كريم الطباع وشريف الاخلاق ومنتهي الحياء وشدة الاحساس وكان حائزا لقوة ادراك عجيبة وذكاء مفرط وعواطف رقيقة شريفة وكان علي خلق عظيم وشيم مرضية مطبوعا علي الاحساس.
ان بعض كتاب العصر الحاضر كادوا يعرفون بأن الطعن والقدح والشتم والسب ليس بالحجة ولا البرهان فسلموا بذكر كثير من صفات النبي صلي الله عليه وسلم السامية وجليل أعماله الفاخرة وبفضل صفاته اهتدي مئات الملايين إلي الاسلام ببركة محمد صلي الله عليه وسلم الذي علمهم الركوع والسجو لله وأبقي لهم دستورا لن يضلوا بعده أبدا وهو القرآن الجامع لمصالح دنياهم ولخير أخراهم.
لما شرف محمد صلي الله عليه وسلم عالم الشهود بوجوده الذي هو الواسطة العظمي والوسيلة الكبري إلي اعتلاء النوع الانساني وترقيه في درجات المدنية اكمل ما يحتاجه البشر من اللوازم الضرورية علي نهج مشروع وأوصل الخلق إلي أقصي مراتب السعادة بسرعة خارقة ومن نظر بعين البصيرة في حال الأنام قبله عليه الصلاة والسلام وما كانوا عليه من الضلالة ونظر في حالهم بعد ذلك وما حصل لهم في عصره من الترقي العظيم رأي ان بين الحالين فرقا عظيما كما بين الثريا والثري.
لقد امتدت أنوار المدنية بعد محمد صلي الله عليه وسلم في قليل من الزمان ساطعة في أقطار الأرض من المشرق إلي المغرب حتي ان وصول اتباعه في ذلك الزمن اليسير إلي تلك المرتبة العلية قد حير عقول أولي الألباب. وما السبب في ذلك إلا كون أوامره ونواهيه موافقة لموجب العقل ومطابقة لمقتضي الحكمة.
كان محمد صلي الله عليه وسلم نموذجا للحياة الإنسانية بسيرته وصدق ايمانه ورسوخ عقيدته القويمة بل مثالا كاملا للأمانة والاستقامة وان تضحياته في سبيل بث الإلهية خير دليل علي سمو ذاته ونبل مقصده وعظمة شخصيته وقدسية نبوته.
راحة وهناء
ان التاريخ ينبئنا ان محمدا صلي الله عليه وسلم ضحي بكل شيء من أجل رسالته إذ اتيحت له مرات فرصة الاختيار بين أمرين أولهما حياة راحة وهناء وغني علي أن ينبذ دعوته وثانيهما حياة عسر واضطهاد مقرونة بنشر رسالته. وقد فضل الأمر الثاني لأن إيمانه برسالته كان قويا وكان قد أوحي إليه بأنه قد اختاره ربه لبث هذه الرسالة علي الإنسانية جمعاء فكان ما أراد الله له.
هذا الرجل الذي ما عرف الهدوء ولا الراحة ولا الاستقرار استطاع وسط ذلك الخصم الهائج أن يرسي قواعد دولة وأن يشرع قوانين ويسن أنظمة ويجود بالتفسير والاجتهادات ولم ينس انه أب وجد لأولاد وأحفاد فلم يحرمهم عطفه وحنانه فكان بشخصيته الفذة الغنية بالقيم والمعطيات والمؤهلات المتعددة الأبعاد والجوانب الفريدة بما اسبغ الله عليها من نعم وصفات وبما حباها من إمكانات كان بذلك كله عالما قائما بنفسه.
هنا عظمة محمد صلي الله عليه وسلم. لقد استطاع خلال تلك الحقبة القصيرة من الزمن أن يحدث شريعة خلقية وروحية واجتماعية لم يستطعها أحد في التاريخ بمثل تلك السرعة المذهلة.