مهزلة فضائية.. علي مرأي ومسمع من الجميع
قنوات شاذة تبيع الوهم للجماهير.. وبدون أي رقابة أو رقيب
الأسئلة سوقية.. الجوائز آلاف الدولارات.. والنتيجة لم يفز أحد
صوره لبعض ارقام مسابقات الفضائيات
مجموعة من القنوات تفرض سؤالاً هاماً جداً حول الهدف من وجودها فهي لا تقدم أي اعلانات.. وكل ما يعرض فيها وذلك علي مدار الأربع وعشرين ساعة.. فتاة ترتدي ملابس أقل ما يقال عنها أنها خليعة.. وتناسب أماكن اخري غير قنوات التليفزيون التي تدخل كل بيت وتتراقص بطريقة ماجنة.. وتتحدث بطريقة أكثر مجوناً..
وهي تغري المشاهدين للاشتراك في برنامجها والإجابة علي أسئلة هامة جداً.. منها علي سبيل المثال: مدينة أسوارها خضراء.. داخلها بيوت حمراء.. يسكنها بذور سوداء.. وتأتي الإجابة.. وفي الغالب من داخل الاستوديو تقول انها التفاحة.. السيارة.. وإذا قال احد البطيخة.. تقول اجابة خاطئة حاول مرة أخري.. ويستمر هذا السؤال لمدة تزيد علي الخمسة أشهر.
وسؤال آخر يمتد لأكثر من سنة تقريباً يقول ست وعشرين رجل دخلوا مطعماً فيه 21 كرسياً وكل واحد جلس علي كرسي.. كيف تم ذلك؟
وسؤال آخر يأكل ولا يشبع.. يموت عندما يشرب.. وتأتي الاجابة علي الشاشة النار.. فيتصل احد المشاهدين المزعومين ويقول الماء.. وهكذا.
كل هذا يثير علامات الاستفهام والتعجب في نفس الوقت عن السبب الحقيقي لإنشاء هذه القنوات.. وما أسرار وجودها علي الشاشات الصغيرة؟ ثم المغريات التي تصل إلي 70 ألف دولار.. إضافة إلي اسلوب الفتيات الفج علي الشاشة.
في البداية التقينا بالجماهير لمعرفة رأيهم في هذه القنوات.
قنوات إثارة
قال ناصر عماد- موظف-: هذه القنوات ما هي إلا قنوات عرض لمذيعات يثرن الشباب والمراهقين ويطلق عليها كذلك قنوات الفوازير والاسئلة "الهايفة" ويتصل بهم المشاهد المسكين ويتكلف ما يقرب من عشرة جنيهات ومن هنا اعتقد يأتي مكسبهم ويخدعوننا بالحصول علي 2000 دولار وهذا غير صحيح علي الاطلاق.. لكن من يتصل يظن انه سيربح فعلاً هذا المبلغ الذي سيساعده في حل مشاكله لكنهم مع كل اسف يبيعون الوهم للناس.
قنبلة موقوتة
أكدت نهاد خليل- ربة منزل- علي أن هذه القنوات بمثابة قنبلة موقوتة داخل بيوتنا فهدفها الاساسي بعد الربح افساد المجتمع وهدم شبابه واختراق قيمه ومع كل أسف الجميع يقف مكتوف الأيدي لا يدري ماذا يفعل إزاء هذا الاختراق لقيمنا ومجتمعنا الذي اصبح بمثابة وبال علي الأمة.
مضيعة للوقت
اوضح أحمد أمين- وكيل حسابات بوزارة المالية- ان دخول هذه القنوات في بيوتنا وبها شباب في سن المراهقة وشباب لا يعمل وشغله الشاغل متابعة هذه القنوات وغيرها من القنوات الخليعة فهي ليست مضيعة للوقت فقط وانما تتعدي ذلك لتصل لمرحلة من يقوم بوضع الزيت فوق النار لتزداد اشتعالاً وتأكل كل من يقترب منها وبسبب هذه القنوات قد يرتكب الشاب شتي انواع الانحرافات فهو اما ان يتحرش بأي فتاة تقابله في الشارع وهذا ما رأيناه رؤيا العين هذه الأيام.
واما ان يقع في زنا المحارم والعياذ بالله.. لذلك فالحل من وجهة نظري هو مقاطعة هذه القنوات من جانب الناس ومعاقبة اصحابها من قبل الحكومة.
تناول خيط الحديث علاء الدين حسن مدير إدارة بشركة الإسكندرية للبترول قائلاً: الفضائيات عامة بها الجيد وبها الرديء ونحن قادرون علي الانتقاء واختيار الجيد المفيد وترك السييء لكن المشكلة في ابنائنا وبناتنا الذين هم اكثر مشاهدي هذه القنوات الذين قد ينجرفون في تيار هذه القنوات ويقعون ضحايا لها وهذا ما أخشاه علي أبنائي وبناتي.
معايير تربوية
قال الدكتور عبدالغني عبود استاذ اصول التربية بجامعة عين شمس: اري أن أي فتاة من القنوات تقدم بضاعة وايا كانت هذه البضاعة ثمينة أم رخيصة فالعيب ليس في القناة انما في المشاهد الذي يشاهد هذه القنوات ويسلب عقله ويتابعها ويترك المفيد فالعيب كل العيب علي من يشاهد هذه القنوات الخليعة ويروج لها لأن الناس مع كل اسف لم ترب علي الفضيلة وعلي انتقاء الاشياء المفيدة إنما ربيت علي التفاهات والأشياء الفارغة فلو تربي الناس علي القيم والمباديء والأخلاق لتركوا الدش بما فيه وذهبوا إلي المكتبات ونهلوا منها ولدخلوا إلي الإنترنت وليتصفحوا المواقع الجادة المليئة بالابحاث والدراسات وشتي انواع الكتب.
واضاف: كما يوجد اناس يتابعون هذه القنوات الضارة هناك اناس واعون وجادون يتابعون قنوات جادة ومفيدة.. فكل خوفي علي النشء والمراهقين والبنات الصغار الذين لم يربوا علي القيم وعلي كيفية انتقاء الجيد وترك السييء منها والبذيء إنما كانت تربيتهم علي الهيافة وعلي كيفية قضاء وقت ممتع واللهو الحرام.. فآباء وأمهات اليوم ليس لديهم رسالة وليس امامهم هدف يربون ابناءهم عليه.
واستطرد : ورغم كل هذا وكل المساويء التي سردناها إلا انني اري أن الأسرة التي انتهجت اسلوباً تربوياً صحيحاً في تربية ابنائها وغرست بداخلهم الاخلاق الحميدة والقيم الرفيعة سوف تجد هؤلاء الأبناء ينتقدون بأنفسهم هذه القنوات ولا يشاهدونها دون اعتراض من الآباء وهذا ان دل علي شيء فإنما يدل علي ان هذا الأسلوب التربوي هو صحيح مائة بالمائة لأن هذه الأسرة نجحت في تكوين شخصية لأبنائها جعلت لديهم القدرة علي الاختيار والتمييز بين الجيد والرديء ومجابهة الأمواج المتلاطمة التي تأتينا عبر الفضائيات ومحاربة الفساد الذي يحيط بهم من كل مكان.
انتهاك للأخلاق
وأشار الدكتور علي ليلة استاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس إلي ضرورة قيام المسئولين عن الإعلام سواء في مصر أو في العالم العربي بتوقيع اشد العقاب علي اصحاب هذه القنوات لأن ما تقدمه يتنافي تماماً مع كل القيم الدينية والاجتماعية المعترف بها في المجتمعات العربية لأنها تضر عقل الأمة وتنتهك اخلاقها وتدمر شبابها.. لذلك لابد من تجريمها وتجريم اصحابها بالشكل الذي يتناسب مع الضرر الذي تقدمه أو تلحقه بالمجتمع هذا من ناحية ومن ناحية اخري يجب التصدي لهذه القنوات التي تنشر الفسق في المجتمع وتسطح ثقافة افراده وتستهزيء بمعلوماتهم وذلك بما تبثه من اسئلة أقل ما يقال عنها انها تافهة وفارغة وذلك من خلال فتاة عارية مستفزة.
واضاف متسائلاً: اين كان المسئولون عن الاعلام وعن الفضائيات عندما سمحوا ببث هذه القنوات ام ان الهدف المادي أعمي عيونهم عن كل ما يبث.. فهؤلاء المسئولون هم أول من يجب عقابهم امام القانون والمجتمع.. لكن للأسف الثغرات الموجودة في القانون هي التي تبرر وتشرع وجود هذه القنوات وهذه هي الطامة الكبري.
رأي الدين
وعن رأي الدين في هذه القنوات قالت الدكتورة مريم الداغستاني استاذ الفقة بجامعة الأزهر: الإسلام هو دين الدولة والإسلام لغوياً يعني السلام والله سبحانه وتعالي يقول في كتابه العزيز: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" فرسالة الأنبياء في الاديان السماوية الثلاثة التوراة والانجيل والقرآن كلها قيم ومباديء واخلاق رفيعة والله سبحانه وتعالي خلق الإنسان وكرمه من فوق سبع سماوات وجعله خليفة له في الأرض وأمره بالخير وترك الشر. واضافت: ان قيام بعض الفضائيات ببث اشياء منافية للدين الإسلامي ولكل الأديان السماوية حرام شرعاً.. لذلك يجب علي كل صاحب رسالة سماوية ان يحترم خليفة الله في الأرض وان يحترم اخاه الإنسان وان يحترم القيم الإنسانية المختلفة وألا يسعي إلي تدمير الأرض ونشر الفساد فيها فليس من الاخلاق الإنسانية ان يدمر الإنسان اخاه الإنسان ويبث الفساد للأطفال والشباب والرجال والنساء. وهذا يتنافي تماماً مع قول النبي صلي الله عليه وسلم: "إنما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق" وبدلاً من بث الفساد فعلي القائمين علي هذه القنوات نشر القيم الثقافية الايجابية المستنيرة وعليهم ان يتذكروا قول الله تعالي: "واتقوا يوماً ترجعون فيه إلي الله ثم توفي كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون" البقرة: آية .281