سحر الطبيعة وعبق التاريخ يتجاوران على ضفاف الدانوب في ألمانيا
Großansicht des Bildes mit der Bildunterschrift: طبيعة خلابة على ضفاف نهر الدانوب
لا تفيض المناطق المجاورة لمجرى نهر الدانوب في ألمانيا بالسحر والجمال
فحسب، فهي أيضا مناطق تاريخية تحكي حقبا من تاريخ أوروبا بدءا من الحضارة
الرومانية وانتهاء بعالم سيارة اودي مرورا بعصر الإصلاحات الدينية
والسياسية. يجري
نهر الدانوب مسافة 2888 كيلومتراً من منبعه في "الغابة السوداء" إلى مصبه
في البحر الأسود. غير أن المسافة التي يقطعها النهر على مدى 577 كيلومتراً
في الأراضي الألمانية تعتبر من أكثر المناطق جاذبية وسحراً.
Bildunterschrift: Großansicht des Bildes mit der Bildunterschrift: جسر يربط بين ضفتي نهر الدانوب في مدينة ريغنسبورغيتلوى
نهر الدانوب بين مدينتي أولم وإينغولفشتات راسماً خلفه المروج والغابات
والمستنقعات، غير أن النهر مستعص على السفن الكبيرة في تلك المنطقة بسبب
ضحالة منسوب المياه. وتتيح جولة بالدراجة الهوائية أفضل السبل لاستكشاف
جمال هذه المنطقة الخلابة، إذ يربط طريق الدراجات الممتد على طول النهر
بين مناطق تاريخية هامة يعيشها الزائر في كل خطوة يخطوها هناك.
مكان للاستجمام وعلاج وجهاء القومعلى
بعد خمسين كيلومتراً من أولم يقبع معبد أبولو غرانوس في فايمنغن، حيث كان
يُطلق على هذا المكان في الحقبة الرومانية "فويبيانا"، وهو الموقع الذي
تمركزت فيه كتيبة رومانية مهمتها حماية ثغور الإمبراطورية المترامية
الأطراف. وقد سلطت أعمال الترميمات الجزئية، التي طالت تلك المنطقة، الضوء
على معبد أبولوس الذي كان يعتبر درة حضارة استجمام ونقاهة عريقة. ويبدو أن
زوار مكان النقاهة هذا بينابيعه الثلاثة والثمانون كانوا من أثرياء عصرهم،
فآثار النعمة جلية من خلال فسحة المكان وكبر مساحته. غير أن أماكن
الاستجمام القديمة سرعان ما شهدت في وقت تميز بهجرة سكانية واسعة تدهوراً
وقلة اهتمام.
أما
مدينة لاوينغن المجاورة ذات العشرة آلاف نسمة، فلها نكهة مميزة؛ إذ إنها
مسقط رأس القديس ألبرتوس ماغنوس، وقد بُني له نصب تذكاري يتوسط ساحة
البلدية. وبالإضافة إلى ذلك فالمدينة شديدة الفخر بمبنى بلديتها و"برج
العفن الأبيض" المزين بنقوش ورسوم جميلة.
Bildunterschrift: قصر نويبورغ المطل على نهر الدانوب وإذ
تابعنا السير لعدة كيلومترات فقط، فسنصل إلى ديلينغن التي ما يزال القسم
القديم منها لغاية يشتم عطر التاريخ من خلال جامعته السابقة، فمنذ أن تولى
اليسوعيون في عام 1563 تلك الجامعة، أصبحت ديلينغن على مدى قرنين مركزاً
معارضاً للإصلاحات في أوروبا من خلال الكادر الذي كان موجوداً في جمعيتها
الدينية التي كانت مثاراً للجدل. الأمر الذي انعكس على المدينة بأسرها
وجعلها تأخذ طابع الجمعية المتمثل بـفخامة الباروكات المتخفي خلف قناع
التشدد.
مسقط رأس مؤلف الألحان العظيم فيرنر إيغمنطقة
دوناوفيرت هي مسقط رأس ومكان إقامة مؤلف الألحان فيرنر ماير المعروف باسم
فيرنر إيغ، على غرار يوهانس إيك المعارض لتعاليم مارتين لوثر الدينية.
وتعني "إيغ" الأحرف الأولى لجملة "مؤلف ألحان عظيم". كما يوجد في
دوناوفيرت مسرح للعرائس يعرض عرائس كيته كروزه الأصلية التي تحاكي الواقع
وتصنّع يدوياً منذ عام 1949 في ورشة صغيرة في دوناوفيرت.
دوق ينفق كل ماله حبا بالبناءBildunterschrift: Großansicht des Bildes mit der Bildunterschrift: مركب تقليدي ينقل زوار مدينة أولم في جولات سياحية على نهر الدانوبما
تزال كنيسة القصر الصغيرة في ما كان يُعرف سابقاً بالمقر الرسمي لمدينة
نويبورغ على ضفاف نهر الدانوب تستنشق نسيم الإصلاح العليل. وقد قام
أوتهاينريش أحد دوقات عصر النهضة ببناء الكنيسة، الأمر الذي أحيا منطقة
الدانوب وأعاد الثقة إليها؛ إذ كان أوتهاينريش محباً للعمران لدرجة أنه
أنفق أمواله في البناء، كما شارك في بناء قصر هايدلبيرغ ذي الصيت العالمي
أيضاً. وتزين بوابة مستودع تخمير النبيذ في مقر أوتهاينريش النويبورغي
قلباً حديداً تعبيراً عن حبه لزوجته سوزانا. ويجدر بالذكر أن القصر يحتضن
دورياً كل عامين احتفالاً صيفياً يعيد الذاكرة ومعها المدينة القديمة إلى
عصور النهضة السالفة، تلك المدينة التي تتربع على ربوة فوق وادٍ مطل على
ضفاف نهر الدانوب.
مصانع أودي تستقطب أصحاب المهن القديمة Bildunterschrift: Großansicht des Bildes mit der Bildunterschrift: ضفاف الدانوب مكان الإستجمام وممارسة هواية صيد الأسماكبين
دوناوفيرت وإينغولفشتات يقودنا الطريق عبر دوناوريد، وهو مستنقع جاف تحول
إلى منظر طبيعي أخاذ. أغلب الذين قدموا إلى هذا المكان واستقروا فيه إما
كانوا يستخرجون الفحم من هذا المستنقع أو يصنعون السلال. وبعد أن ملوا
حياة التقشف في بلدتهم، وجدوا ضالتهم في مدينة إينغولفشتات المجاورة؛ إذ
توجه معظمهم للعمل في معمل أودي لصناعة السيارات في ولاية بافاريا. وأما
الكنيسة الكبيرة وكنيسة موريتس، اللتان صبغتا الحي القديم في المدينة
بصبغتهما، فكانتا من أهم أماكن تأثير يوهانس إيك المعارض لإصلاحات مارتين
لوثر والذي أراد إعادة هيكلة الكنيسة الكاثوليكية من الداخل.