في احد استطلاعات الرأي -والتي أجريت علي أكبر عشر مدن في العالم الأكثر قلقا وتلوثا وزحاما- جاءت محافظة القاهرة الكبري في المرتبة الثالثة من القائمة وعلي خلفية ذلك طالب بعض نواب مجلس الشعب بالدعوة لعقد اجتماع طارئ في لجنة الإدارة المحلية لمناقشة أهم مشاكل العاصمة وما هي الحلول وطالبوا بتشكيل كونسلتو يضم خبراء في مختلف المجالات والتخصصات لدراسة سبل الخروج من حزام القلق والخطر والتوتر كما طالب بعضهم بإعادة توزيع السكان في القاهرة وخلخلة حدة التكدس السكاني في العاصمة وإعادة تخطيط حركة المرور السطحي علي محاورها وتخفيض حدة التلوث.
* مهندس سعد نجاتي عضو مجلس الشعب.. يري ان إعادة توزيع السكان في القاهرة هي حلول وقتية والحل في الانطلاق إلي الصحراء الشاسعة فمثلا سكان محافظة كالوادي الجديد لا يتعدون 180 ألف مواطن يسكنون علي 44% من مساحة مصر والخروج إلي المدن الجديدة وعمل مشروعات تنموية واستثمارية وتوفير وظائف ومساكن للقاطنين بهذه المدن لجذبهم للسكن فيها كما ان لدينا في مصر 6 بحيرات بعد مفيض توشكي يجب الاستفادة منها وتشجيع الشباب علي الذهاب لهذه الأماكن مع توفير الضمانات اللازمة لذلك.
وأرجع نجاتي القلق والتوتر الذي يعاني منه سكان العاصمة إلي الضغط النفسي بسبب الظروف الاجتماعية المحيطة والتي لا تعاني منها مصر فقط بل أصبحت ظاهرة عالمية.
* سيادة إلهامي جريس خبيرة التنمية البشرية وعضو لجنة العلاقات الخارجية والصحة والبيئة بمجلس الشعب تقول: ليس لدينا إدارة متكاملة لحل مشاكل العاصمة فهناك أطنان من القمامة لا تستطيع الموارد المتاحة إلا معالجة نصفها ويترك النصف الباقي في الشوارع مما يشكل خطورة علي صحة المواطنين كما ان هناك تلوثا سمعيا وبصريا وهوائيا ومشكلة إدارة المخلفات الصلبة كما ان المناطق العشوائية من أهم التحديات التي تواجه الحكومة ويجب مواجهتها بشكل مدروس وذلك بعمل استراتيجية تخطيط للحد من الهجرة إلي العاصمة ومن الخطوات الجادة التي اتخذتها الحكومة لمواجهة هذه الأزمات تقسيم العاصمة لعدة محافظات جديدة حتي يمكن السيطرة عليها وتحسين الخدمات بشكل أفضل وان كان قد ظهرت بعض التحسينات إلا انها غير كافية أيضا هناك قوانين جديدة استحدثت كقانون المرور الجديد ربما يحد من الزحام ويساهم في حل مشكلة الضوضاء والقلق النفسي وان كانت المشكلة السكانية هي أكبر هذه التحديات والحكومة حتي اليوم لم تتخذ خطوات ايجابية في هذه المشكلة القائمة منذ أكثر من 30 عاما ولم يتم حلها حتي اليوم بسبب كثرة المواليد وضعف الاستثمارات والموارد المحدودة التي لا تتناسب مع عدد السكان.
*دكتور مصطفي كمال أستاذ الصحة العامة بطب عين شمس: من أسباب القلق والتوتر والتلوث التي يعاني منها المجتمع المصري التحول من المجال الزراعي إلي المجال الصناعي والذي ساهم في تلوث وأضرار بيئية كثيرة اثرت علي نفسية المواطن لانه مازالت لدينا صناعات تعتمد علي عمالة يدوية وملوثة كصناعة الحديد والصلب وصناعة السيارات والسجاد والسيراميك والزجاج كما ان أغلب مصانعنا انتهي عمرها الافتراضي ومازالت تعمل في مصر حتي الصناعات الحديثة كالاسمنت ودرفلة الحديد والصناعات البترولية مازالت تستخدم فيها تكنولوجيا غير حديثة بالمقارنة بالدول الأوروبية كما ان أصحاب المصانع يبحثون عن الربح علي حساب العمال ولا يبحثون عن التوازنات كل هذه الاشياء خلقت بيئة غير نظيفة ساهمت في ارتفاع معدل القلق والتوتر وجعلت مصر من أوائل الدول الأكثر قلقا والحل في خلق بيئة نظيفة خالية من التلوث وجلب صناعات أقل تلوثا تعتمد علي تكنولوجيا حديثة وإنشاء مدن صناعية جديدة لبعض المهن مع توفير خدمات جيدة لها كمدينة إصلاح السيارات علي طريق مصر - الإسماعيلية وقد أنشئت هذه المدينة للمهن المتعددة كإصلاح السيارات وغيرها للحد من الصناعات الملوثة وانهاء مشكلة الضوضاء وتلوث الهواء.
علينا ان نقر ان الحل ليس سهلا ولابد ان نتوقع حلولا بطيئة للمشكلة تحتاج تخطيطا جيدا بخطط طويلة المدي ولابد من إنشاء التجمعات حول القاهرة وتوفير وسائل نقل أقل تلوثا في القاهرة وخارجها كالمترو والقطارات ولابد من تقليل استخدام السيارات وتعميم مشاريع الانفاق.
*دكتور محمد سعيد وكيل وزارة الصحة للبيئة والمراقبة علي الأغذية.. يري ان الزحام هو أساس المشكلة فهو الذي يسبب القلق والتوتر وهناك ما يسمي بأخلاقيات الزحام والتي يجب ان يتعلمها المواطن ويفتقدها الكثيرون.
فتنمية الوعي البيئي والصحي مهمة لدي أفراد المجتمع وبدايته من الأسرة والمدرسة ويجب علي كل مواطن المشاركة في حماية البيئة علي كل المستويات فمثلا يجب استخدام مواد صديقة للبيئة والعمل علي تقليص كمية النفايات وفرزها والمساهمة في تقليل انبعاث الكلور فلوركربون واستهلاك طاقة ومياه أقل.
*دكتور سيد قطب مدير مستشفي الصحة النفسية بالعباسية.. يري ان التوتر والقلق شيء طبيعي وذلك مع العدد المهول من المواطنين الذين يعيشون في العاصمة والتي كانت سببا مباشرا في خلق بؤر وأحياء سكنية عشوائية ساهمت في خلق جو يفرز ويساعد علي الإرهاب كما ان كمية الضوضاء الناتجة عن السلوك البشري شيء غير موجود في أي بلد في العالم أيضا التوزيع الجغرافي وضيق الشوارع كما ان الشعب المصري بطبيعته شعب قلق ليس لديه ثقة في النفس والقلق والتوتر أصبح طبيعيا بالنسبة له كما ان افتقاد الشباب للأمل في الحصول علي فرصة عمل مناسبة سبب رئيسي في القلق مع تراجع الوازع الديني وظهور التعصب وان كان لا يمثل ظاهرة إلا انه موجود وبالابتعاد عن العقيدة والدين والأخلاق الحميدة يخلق نوع من التوجس والقلق والارتكاب والخوف لذلك ليس غريبا ان تتصدر القاهرة قائمة ثالث مدينة في العالم أكثر قلقا والحل في إعادة الهيكلة والتنظيم والترتيب وخلق استثمارات جديدة من جانب الحكومة بمشاركة المجتمع المدني والجمعيات الأهلية ووسائل إعلام تقوم بدورها.. إذا تضافرت جهود هؤلاء جميعا سوف تخلق جوا من الطمأنينة والارتياح والأمل لدي المواطن المصري.